الانتخابات الرئاسية في تونس- صراع على السلطة أم فرصة للتغيير؟

المؤلف: نبيل الريحاني11.17.2025
الانتخابات الرئاسية في تونس- صراع على السلطة أم فرصة للتغيير؟

بعد صمت مديد، كشف الرئيس التونسي قيس سعيد النقاب عن موقف حكومته بشأن الانتخابات الرئاسية المرتقبة هذا العام، الحدث الانتخابي الأهم في تونس.

هذا الاستحقاق الدستوري الهام، لطالما حفلت أجندته بالكثير من التوقعات والتكهنات بشأن موعده، وإمكانية ترشح الرئيس التونسي لولاية جديدة، والأهم من هذا كله، هوية المنافسين المحتملين في هذا السباق الرئاسي الذي سيجري في خضم مناخ سياسي مغاير تمامًا لما كان قائمًا قبل الخامس والعشرين من يوليو.

إشكالية التوقيت

لم يعد هناك أدنى شك، فبناءً على التصريح الرسمي الصادر عن الرئيس التونسي والذي تم تدوينه على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية التونسية عبر منصات التواصل الاجتماعي، خلال لقائه برئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، ستجري الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد.

وقد أكد الرئيس التونسي خلال هذا الاجتماع على أهمية مجابهة الإخلالات القانونية في جميع مراحل العملية الانتخابية، بدءًا من تقديم الترشيحات، مرورًا بالحملات الانتخابية، وصولًا إلى عملية الاقتراع ذاتها.

وفي حديثه مع بوعسكر، أشار سعيد إلى أنه من غير المقبول البتة اعتماد ترشيحات لأشخاص متورطين في قضايا خطيرة، على غرار قضايا الإرهاب، دون أن يحدد كعادته المقصودين بهذا الوصف. كما لفت سعيد الانتباه إلى خطورة ظاهرة "المال السياسي" وتأثيرها السلبي في "تسميم" العملية الانتخابية، خدمةً لمن وصفهم بالفاسدين الذين يسعون إلى "تزوير العقول".

وربما كانت الإشارة الأهم في منشور الرئاسة التونسية هي حديث الرئيس سعيد عن التناقض الذي يشوب خطابات وممارسات معارضيه، الذين قاطعوا جميع المحطات الانتخابية التي أعقبت الخامس والعشرين من يوليو، لكنهم اليوم يسابقون الزمن استعدادًا لخوض غمار الانتخابات الرئاسية القادمة.

واختتم سعيد مداخلته بالتأكيد على أن معارضيه يغفلون، في خضم سعيهم المحموم إلى الوصول إلى المنصب الرئاسي، أن هذا المنصب هو تكليف وليس تشريفًا، واصفًا إياه بالابتلاء والوزر الثقيل.

ويرى الرئيس التونسي أن معارضيه يعيشون في أوهام وتصورات خيالية، وهم منهمكون في اجتماعات سرية وعلنية لتحقيق هدفهم الأسمى، وهو الوصول إلى السلطة عبر كرسي الرئاسة.

وجاءت هذه التصريحات عقب ما وصفه مراقبون بالحملة الانتخابية المبكرة التي أطلقها الرئيس من خلال سلسلة زيارات ميدانية، حيث تقمص دور رجل الحكم والمعارضة في آن واحد، منتقدًا الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد، ومتعهدًا بتغييره جذريًا من خلال مكافحة الفساد والمحتكرين والخونة وأصحاب المصالح المرتبطة بالخارج.

جوهر النظام

لقد عزز الجدل المحتدم حول الموعد الانتخابي مكانة مؤسسة الرئاسة في تونس بوصفها قلب النظام ومركزه المحوري، وذلك نتيجة للتعديلات الكبيرة التي أدخلها الرئيس التونسي على الهيكل السياسي في البلاد. فبعد ثورة عام 2010 التي أنتجت نظامًا برلمانيًا يعاني من أداء سياسي واقتصادي مضطرب، جمع الدستور الذي صاغه الرئيس سعيد بنفسه صلاحيات واسعة وغير معهودة في يد الرئيس، مما جعل بقية السلطات مجرد هيئات تعمل في خدمة الدولة.

وبعد أن كانت فترة الانتقال الديمقراطي حلبة للتنافس والصراعات بين الأحزاب والتيارات الفكرية والاجتماعية المختلفة، أصبحت الحياة السياسية في تونس تدور في فلك الرئيس سعيد، حتى اتهمه خصومه بأنه الخصم والحكم في آن واحد.

هذا الوضع الراهن يمثل دافعًا قويًا للجميع لوضع ثقلهم في المراهنات الانتخابية الرئاسية، فكل من يرغب في تغيير الواقع السياسي في البلاد لا يمكنه تحقيق ذلك إلا من خلال الفوز بمنصب الرئاسة، والتمتع بما يخوله من صلاحيات واسعة، بغض النظر عما إذا كان سيحتفظ بهذه الصلاحيات أم سيتنازل عنها لصالح قواعد مختلفة للعبة السياسية.

ورغم إعلان المعارضة مقاطعتها للانتخابات السابقة، كالانتخابات التشريعية وانتخابات مجلس الأقاليم، فقد قدمت سببًا رئيسيًا لهذا الموقف، وهو اعتبار ما قام به الرئيس سعيد انقلابًا على الثورة وعلى مسار الانتقال الديمقراطي في تونس، وبالتالي فإن رفض الانتخابات السابقة كان بمثابة "ما بني على باطل فهو باطل".

لكن الوضع يبدو مختلفًا فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، ليس فقط بالنظر إلى أهمية وفاعلية مؤسسة الرئاسة ودورها المحوري في المشهد السياسي الحالي، بل أيضًا بالنظر إلى خلاصة الانتخابات السابقة، والتي تمثل مفارقة غريبة، فالمعارضة التي تتهم نظام الرئيس سعيد بأنه انقلابي يقوض المكاسب الديمقراطية، لم تتهمه بتزوير نتائج تلك الانتخابات، واكتفت بالإشارة إلى تدهور المناخ السياسي وتراجع الحريات، مما أدى إلى قحط سياسي في البلاد، وأفرغ تلك الانتخابات من أي مضمون سياسي ذي قيمة أو تأثير عملي حقيقي.

هذا الطرح المتسامح يفتح الباب أمام رهان انتخابي رئاسي قد يفضي إلى ما يمكن وصفه بالمفاجأة الانتخابية المحتملة، وهو ما يفسر الجدل الدائر في صفوف المعارضة التونسية، بين من يرى فائدة في المشاركة، ومن يعتبر ذلك عبثًا وتزكية مجانية لما يعتبرونه انقلابًا يجب مقاطعته بشكل قاطع.

الوجه الآخر للمفارقة يتمثل في التباين الصارخ بين اعتماد خطاب الرئيس سعيد على الشعب إلى حد اتهامه بالشعبوية، ونسب المشاركة المتدنية التي شهدتها الانتخابات والاستشارات التي دعا إليها، وهي النسب التي كانت غير مسبوقة في ضعف الإقبال.

عزوف جماهيري برره الرئيس سعيد بالإرث السيئ الذي خلفته حقبة الانتقال المتعثر في أذهان التونسيين، حتى أصبحت الانتخابات والاستشارات آخر ما يرغبون في المشاركة فيه.

وترد المعارضة على هذا المنطق بالقول: إن كان ذلك مفهومًا في الأشهر الأولى بعد إجراءات سعيد، فإن استمرار الأمر على هذا النحو سنة بعد أخرى يحمل دلالة واضحة لا يراها إلا جاحد، وهي العزلة التي يعيشها سعيد ومساره، واعتماده فقط على القوى الأمنية والعسكرية لفرض توجهاته.

اختبار متباين

هذه المرة يتعلق الأمر برهان انتخابي من نوع آخر، فمن خلال حديثه عن منافسة رئاسية في موعدها المحدد، يقبل الرئيس التونسي التحدي ويضع شعبيته وخياراته على المحك، غير مكترث على ما يبدو بالرسالة التي حملتها إليه نسب المشاركة الضعيفة للغاية في الانتخابات السابقة، ليظهر في صورة الواثق الذي يقطع وعدًا جديدًا مع التاريخ، كما اعتاد أن يقول في مناسبات مختلفة.

وهو يعني بذلك موعدًا مع التاريخ يتجاوز حدود البلاد وهمومها إلى مشاكل البشرية جمعاء، التي يرى سعيد أن الأوان قد حان لفهمها والتعامل معها بطريقة مغايرة تمامًا لما هو سائد في عالم اليوم، شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا.

وبقدر ما يجتهد الرئيس التونسي في وضع المشهد التونسي في سياق تاريخي وجيوسياسي أوسع، ترى المعارضة أن مشاكل البلاد يجب معالجتها "الآن.. وهنا"، في ظل مناخ سياسي تم توجيهه سياسيًا وقضائيًا وأمنيًا، حتى بات توجيه أدنى انتقاد للسلطة أو القيام بأي عمل جماعي لتغيير الوضع، مبررًا لاتهام المعارضين بأخطر التهم، كالخيانة والتآمر على أمن الدولة، مستشهدة بالقيادات السياسية المسجونة منذ مدة طويلة بتهم يصفها محامو الدفاع بالواهية والمسيسة إلى أبعد الحدود.

وفي قراءتها السياسية، ترى المعارضة أن الرئيس سعيد الذي يتهم خصومه بالسعي للاستحواذ على الرئاسة، هو نفسه يستأثر بالسلطة بموجب دستور يمنحه صلاحيات مطلقة، مؤكدة أنه لا يقول الحقيقة عندما ينفي التراجع عن الحريات أو توظيف القضاء لتصفية خصومه، وهو ما أفضى في النهاية إلى انتخابات رئاسية مرتقبة تسعى السلطة الحالية إلى تصميمها على مقاس رغبات الرئيس سعيد، من خلال استبعاد جميع الأسماء الجادة والقادرة على منافسته بشكل حقيقي يهدد بقاءه في قصر قرطاج.

ومع ذلك، تشير بعض المؤشرات إلى أن المعارضة تدرس خياراتها بشأن كيفية التعامل مع هذا الاستحقاق الانتخابي، وإمكانية التوصل إلى مرشح خالٍ من الملاحقات القضائية وقادر على مخاطبة الشارع التونسي وحشده وراء التغيير المنشود، مستفيدًا من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي أفرزتها سنوات حكم سعيد، والتي انعكست بشكل ملموس على حياة التونسيين، الذين يصطفون في طوابير طويلة للحصول على الخبز والحليب وغيرهما من المواد الأساسية التي رفعت الدولة الدعم عن أسعارها، مما أدى إلى ارتفاعها بشكل كبير، وأنهك القدرة الشرائية للمواطنين.

وهنا تدور التكهنات مجددًا لتطرح السؤال:

من يا ترى سينافس الرئيس سعيد في الانتخابات الرئاسية القادمة؟

الأسماء المرشحة

يمكن القول إنه قد حان الوقت للحديث عما يمكن تسميته ببورصة الأسماء المحتملة لمنافسة الرئيس سعيد في الانتخابات الرئاسية القادمة، إذا ما أتيحت لها الفرصة.

في هذه البورصة، يحاول كل طرف التسويق لنفسه والرمي بسهامه نحو عقول وقلوب التونسيين، وذلك من خلال التلميح والتورية، لأن الكشف عن الخطة الانتخابية قد يؤدي إلى إحراق أوراق المرشح المحتمل والمعسكر الذي يمثله قبل الأوان.

دون جزم أو تأكيد، يتم تداول أسماء مثل المنذر الزنايدي، السياسي المخضرم الذي يمتد تاريخه من عهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي إلى ما بعد فترة الانتقال الديمقراطي، باعتباره "رجل دولة" قادمًا من بعيد. ورغم أنه لم يعلن رسميًا ترشحه، إلا أن بعض الصفحات الافتراضية بدأت في طرحه كوجه للمستقبل يمكن أن يعيد لتونس "تقاليد سياسية عريقة"، تقوم على التوازن بين هيبة الدولة والحد الأدنى من الديمقراطية، مع إعطاء الأولوية لقضايا التنمية، في استعادة لغة خطاب عهد "التجمع الدستوري الديمقراطي".

بهذه الصورة، يبدو الزنايدي قريبًا من قاعدة زعيمة الحزب الحر الدستوري عبير موسي، المسجونة حاليًا على خلفية قضية معينة، كما أنه ليس بعيدًا عن شبكة النفوذ والمصالح التقليدية التي تبحث عن صيغة سياسية ترضي جميع الأطراف.

علاوة على ذلك، يبدو الزنايدي مقبولًا من أطراف إقليمية ودولية قد تتعامل بإيجابية مع شخصية تذكرها بالرئيس الراحل بن علي، والتي تفضل نظامًا رئاسيًا على النظام البرلماني، ولكن ليس بالصلاحيات المطلقة التي منحها سعيد لنفسه. وهذا يفسر حرص واشنطن والعواصم الغربية على دعوة سعيد لتعديل مساره السياسي وتبني الشراكة السياسية بدلًا من الاستبداد بالرأي، ولكن دون جدوى.

ويبقى العائق الأكبر أمام الزنايدي، في حال قرر الترشح، هو شموله بالتحقيق في قضية تبييض أموال. ولعل هذا ما يفسر عدم إعلانه ترشحه حتى الآن، في انتظار قرار القضاء الذي سيحدد مصير طموحاته الرئاسية.

وتحت وطأة التحقيقات القضائية، تقبع أسماء أخرى، مثل ألفة الحامدي التي أعلنت مبكرًا ترشحها لانتخابات 2024 الرئاسية، لتخوض ما تسميه معركة ملاحقات قضائية مفروضة عليها من قبل دوائر مقربة من الرئيس سعيد، وتناشده أحيانًا لوقف هذه الملاحقات.

وينطبق الأمر نفسه على عدد آخر من الشخصيات السياسية، مثل صافي سعيد وفاضل عبد الكافي، بالإضافة إلى الموقوفين في قضايا الفساد والتآمر على أمن الدولة، مثل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي والقيادي في التيار الديمقراطي غازي الشواشي وغيرهم ممن اتهموا بالفساد والتآمر لتغيير هيئة النظام.

وترى المعارضة في هذا الوضع تكرارًا للتجربة المصرية التي لم يخف الرئيس سعيد إعجابه بها، حيث تم توجيه الانتخابات قضائيًا وأمنيًا للسماح بمنافس ضعيف.

بالمقابل، يعتبر الرئيس سعيد وأنصاره كل هذه الروايات مجرد تسييس للأحداث وتدوير للاتهامات في سياق الصراع على المناصب والمغانم المحتملة، في حين ينكب الرئيس التونسي على خوض معركة ضروس ضد الفساد المستشري ومحاربة النفوذ، في محاولة للخروج بالبلاد من الوضع المتردي ومعالجة مشاكلها بحلول جذرية لا تكتفي بإصلاح الأساليب القديمة، بل تستبدلها بأخرى مختلفة تمامًا، وهو ما يشكل في نظرهم جوهر رسالة سعيد، والانعكاس الحقيقي لمطالب التونسيين في دولة تعبر عنهم وتخدم تطلعاتهم.

رؤى متباينة

سواء كنت من أنصار فترة الانتقال الديمقراطي، أو من مؤيدي المسار الذي فرضه الرئيس سعيد، أو حتى ممن يقترحون طريقًا ثالثًا بين هذا وذاك، ستصادف الكثير من الحديث عن "الصندوق" الانتخابي وما يحيط به في تونس، مما يثير سؤالًا قد يبدو غريبًا للوهلة الأولى:

هل سيكون الصندوق الانتخابي هو المحدد للملامح السياسية في تونس في ضوء نتائج الانتخابات الرئاسية المقررة هذا العام؟

الجواب: نعم، إذا وافقنا من يرى أن الصندوق الانتخابي لم يفقد مصداقيته بشكل كامل، حتى في نظر معارضي سعيد، الذين يعترفون بنسب المشاركة الهزيلة للغاية، على عكس ما تفعله الأنظمة الديكتاتورية حول العالم.

الجواب: لا، إذا تذكرنا حديث سعيد نفسه عن دور المال الفاسد والحملات الدعائية المغرضة والمكائد السياسية المدعومة من الخارج، وحديث المعارضة عن التوجيه الأمني والقضائي المسبق للواقع السياسي في البلاد، حتى باتت تتحول تدريجيًا إلى معسكر كبير يجب على الجميع فيه الالتزام التام بما يمليه من يصفونه بـ"الحاكم بأمره".

بيد أن مقاربات أخرى تذكر من ينسى أن المسار السياسي في تونس قد تصنعه إرادات تعرف كيف تصوغ الشعارات والعناوين السياسية وتنسج التحالفات دون التناقض مع الصندوق، لأن جميع المنافسات الانتخابية التي شهدتها فترة الانتقال الديمقراطي أعقبتها تسويات من نوع ما من المحاصصة السياسية التي لم تسلم هي الأخرى من الانتقادات اللاذعة.

تشير هذه الحقيقة إلى احتمال قائم، وهو إمكانية وجود صفقات يتم فيها تبادل المكاسب والتنازلات، قد تعقدها أطراف فاعلة على الساحة السياسية، وأخرى تفضل البقاء بعيدة عن الأضواء، محتفظة بأوراقها إلى الوقت المناسب.

أطراف اختبرت تجربة فريدة من نوعها على مستوى العالم العربي، وهي طي صفحة الانتقال الديمقراطي باستخدام شعاراته وأهدافه المعلنة، وإسقاط مكاسبه من خلال صندوق الاقتراع الذي يعد أحد أهم أدوات الفعل السياسي لضمان الرقابة السياسية والتداول السلمي على السلطة.

لا يخفي معارضون استغرابهم لما يعتبرونه انقلابًا رخيصًا، تم بأصوات الناخبين وبتواطؤ حزبي واسع النطاق، دون إراقة دماء، مع إتاحة الفرصة لمعارضي المسار للتظاهر وعقد الندوات في إطار منطق "أنت تقول ما تشاء.. ونحن نفعل ما نشاء"..

فما الذي يمنع تكرار تلك التجربة بصندوق انتخابي آخر، يتم تصميم مناخه السياسي بطريقة تبرر انتقال السلطة نحو تمديد ولاية الرئيس سعيد أو تغيير الوجه نحو شخصية تدرجت في العمل داخل المؤسسة الأمنية، ثم انتقلت إلى المناصب الحكومية.

فقد حكم بن علي في الماضي القريب قادمًا من المؤسسة العسكرية، قبل أن ينتقل إلى مناصب وزارية، ثم استغل أزمة اقتصادية خانقة ليقدم نفسه كمنقذ للبلاد، ويطلق وعودًا كبيرة ويمنح هامشًا مؤقتًا من الحريات، ويحظى بدعم داخلي وخارجي منحه أفضل الظروف لإطلاق ما وصفه بـ"العهد الجديد والتغيير المبارك".

المشكلة في كل هذه التحليلات الصادرة عن المعارضة والسلطة، أنها تصب المزيد من الزيت على نار التكهنات، دون أن يستطيع أحد الجزم بفرضية دون أخرى، مما يؤكد أن الرئيس سعيد لم يكشف سوى القليل من الغموض الذي يكتنف المشهد السياسي بلقائه برئيس هيئة الانتخابات، وأن الكثير من الأمور لا تزال بحاجة إلى خليط من الوقت والخيارات الصعبة، حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في بلد أنهكته السياسة وكاد يجهز عليه الاقتصاد، ويواجه تحديات إقليمية ودولية ضاغطة.

 

 

 

 

 

 

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة